التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المثقف بين الطاعة والموقف الأخلاقي

المثقف بين الطاعة والموقف الأخلاقي  

مقالي في جريدة ٍرأي اليوم - الصورة منقولة 





ارتبطت كلمة مثقف بقضية دريفوس الشهيرة في فرنسا في نهاية القرن التاسع عشر عندما اتخذ الأساتذة والكتاب والفنانون ومنهم الكاتب الشهير إميل زولا موقفاً واضحاً من السلطة الفرنسية مستنكرين الظلم الذي تعرض له النقيب دريفوس واتهامه بالخيانة العظمى والتجسس لصالح الألمان وطالبوا القضاء بتبرئته ورد الإعتبار له ، ومنذ تلك الحادثة أصبحت كلمة مثقف تُشير إلى موقف أخلاقي وسياسي أكثر من كونها تُشير إلى الطبيعة الفكرية للأنشطة التي يقوم بها المثقف ، ولكن تصادم المثقف مع السلطة ليس حديثاً بل يعود الى حضارات ما قبل الميلاد .

المثقف الحقيقي المؤثر يحاول دائماً إصلاح المجتمع عن طريق المطالبة بالحقوق الإنسانية الأساسية كالحرية والعدالة والمساواة واحترام كرامة الإنسان كما يحاول توجيه الحاكم لإتخاذ القرارات وفقًاً لـخير الشعب والأمة ، ولكن على مر العصور واجهت السلطات السياسية هذا النوع من المثقفين باستخدام الأساليب عينها من الضغط المعنوي والمادي وأحياناً الاعتقال والقمع العنيف لحد التصفية الجسدية ، بالإضافة الى التهميش أو استخدام استراتيجية اللامبالاة والإهمال وغالباً التخوين والتشويه وفي الكثير من الأحيان تستغل الأنظمة الحاكمة الصراعات الفكرية والأيديولوجية بين الفئات المثقفة فتقرب إحداها وتبطش بالأخرى ، ثم تغير تحالفاتها من حين لأخر ؛ بغية استمرارها في السلطة واحتكارها أو لتزيد من مؤيديها كلما تطلبت مرحلة ما ذلك  .

لقد عانى المثقفون والمفكرون والفلاسفة كثيراً في علاقتهم بالسلطات الحاكمة والتاريخ العربي يزخر بعذابات كل من تجرأ وعارض السلطة أو أسدى علناً أو سراً النصح لها ؛ فمن منا لا يتذكر معاناة الفيلسوف ابن رشد الذي أُحرقت كتبه وابن سينا الذي عاش حياة الترحال والنفي وهرب من بخارى الى همدان ثم أصفهان بسبب مطاردة السلطان محمود الغزنوي له ، وأيضاً ابن المقفع الذي ترجم الى العربية روائع كليلة ودمنة ؛ فقد أمر الخليفة العباسي المنصور بقتله شر قتلة من خلال تقطيع أعضاء جسده ورميها بالنار .

وفي عصرنا الحديث وبالرغم من تشريع حرية التعبير والنقد والتفكير الحر ، لم يزل ديدن الحكام لا يتقبل أي وجهة نظر مختلفة بما فيها الأفكار الجديدة والغير مألوفة حتى لو كانت مقال أو قصيدة وتعتبرها نوعاً من الهرطقة أو تهديداً محتملاً للنظام وهيبته ، والسجون العربية عجت دائماً بنخبة من المثقفين العرب كان أغلبها في مصر الناصرية وإبان أحداث حماة وما قبلها زمن الانقلابات العسكرية في سوريا إلا أنها تعاظمت في وقتنا الحالي لتصبح ظاهرة تستحق البحث والتمحيص .

لقد دفع بعض المثقفين العرب ثمن مواقفهم من سلطة بلادهم أو انتقادهم للنظام الرسمي العربي بكليته ؛ فمن الشاعر أحمد مطر فنزار قباني الى ناجي العلي والقائمة تطول مع اختلاف التصنيف والتوجه ، وفي المقلب الأخر نجد أن هناك العديد من المثقفين يعيشون في ظلال السلطة وينعمون بعطاياها ؛ لأنهم يقبلون أن يُسخر ويتبدل جوهر ثقافتهم ومغزاها الى أداة للتربح بغض النظر عن مآلات هذا السلوك  والذي يؤدي الى السخط الشعبي على المثقف شخصياً وعلى الفكر الذي يتبناه أو الذي يمثله حتى لو كان الدين  .

تنوعت أشكال الثقافة واختلفت تصنيفاتها ؛ فمن الثقافة ذات التوجه السياسي وصولاً للفنون بأشكالها بوصفها نشاطاً مؤثراً على التوجهات وصناعة القرارات الحياتية للشعوب كالسينما وفن الرواية والمسرح والدراما والكاريكاتير أو الرسم وقد تتوسع الدائرة لتشمل علماء الدين أو علماء العلوم المختلفة ، كل هذه النشاطات وهبت من يتقنها حضوراً اجتماعياً ؛ فجعلته تحت المجهر في المجتمعات التي ينتمي اليها وميزنه عن عامة الناس .

ينقسم موقف المثقفين من السلطة فالبعض يؤيد والبعض يعارض وهناك جزء لا بأس به يختار الابتعاد عن مراكز الحكم والأضواء ، ولكن في محطات معينة ومفصلية لا تسمح السلطة للمثقف بانتهاج الحياد بل تعتبره معارضة صامتة وحمماً تنتظر ثوران البركان ؛ فتُجبر المثقف أو الفنان على تأييدها بالاكراه وُتضيق عليه خياراته .

من المعيب على المثقفين أن يقتصر دورهم على تجميل صورة الحاكم وإضفاء الشرعية على كل ما يقوم به ؛ فهؤلاء المثقفون الممالئون للنظام يلعبون دوراً خطيراً في المجتمع لأنهم تخلوا عن قيادة الإصلاح الإيجابي وتحقيق المصالحة المجتمعية ؛ فالنخب تصنع الفكر الإصلاحي السلمي دون المبالغة في تبرير أخطاء مؤسسات السلطة والتي لا يستطيع الحاكم تمريرها لولا دورهم الخبيث في تجميلها للشعب وضمان تشويهم للرأي والذوق العام،  فتتولد لدى الحاكم قناعة أن الشعب اختاره راضياً ومؤيداً لمؤسسات حكمه وقيادتها الرشيدة وعصمتها. 

  ولكن ما هو سر هذه العلاقة المتأرجحة بين السلطة والمثقف؟

لكي نفهم  العوامل التي تحكم هذه العلاقات لا بد لنا من العودة الى مفهوم الحقل للفيلسوف ورائد علم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو الذي قسم الفضاء الإجتماعي الى مجموعة حقول مستقلة كالحقل السياسي والحقل الثقافي والحقل الإجتماعي والإعلامي الخ .. ، واعتبر أن داخل كل حقل مجموعة من الفاعلين يتصارعون على الخيرات الرمزية وهذه الخيرات هي رأسمال كل حقل ، ويهدف الصراع الى الحصول على أعلى قدر ممكن من الرأسمال ؛ لكي يتمكن هؤلاء الفاعلون من السيطره على الحقل وفرض وجهه نظرهم وإرادتهم ؛ ففي الحقل الإقتصادي يتصارع الناس للحصول على أعلى قدر من الأموال والثروات الإقتصادية بينما في الحقل الأدبي مثلاً  يتصارع الكتاب والأُدباء على تحقيق نجاح مؤلفاتهم والاعتراف بها من قبل أهم النقاد ودور النشر ، وكذلك الأمر في الحقل الفني حيث هناك صراع عميق بين الفنانين لكي تنال أعمالهم من لوحات أو منحوتات أو أعمال موسيقية أو أفلام ومسلسلات النجاح والاعتراف بجماليتها وبتميزها ، وفي الحقل الثقافي يجري الصراع  بين المثقفين لفرض ثقافتهم  وتفكيرهم وأساليبهم النقدية على بقية المجتمع .

وهذه الحقول مستقلة ؛ فلكل حقلٍ فاعلوه ومؤثروه الذين يؤمنون باللعبة التي يقوم عليها الحقل فلا بد أن يكون المنتمي لحقل معين مؤمناً بأهمية هذا الحقل وبأهمية الحصول على الرأسمال الضروري وهؤلاء الفاعلون يتحلون بما يسميه بورديو بالهابيتوس : أي مجموعة العادات والأفكار والاستعدادات المضمرة والمزروعة داخلهم منذ الصغر والتي تسمح لهم  بالتعامل مع جميع المواقف التي يواجهونها في حقلهم وفي المجتمع .

فإذا نظرنا الى الحقل الثقافي الفني أو الأدبي نجد ــ كما سبق أن ذكرنا ــ صراعاً عنيفاً يهدف الى الحصول على الرأسمال للسيطره أو تبوء مكانة مرموقة داخل الحقل ، وهذا الصراع  يكون دائماً بين قدامى الفاعلين المكرسين منذ زمن طويل وبين الفاعلين الجدد الذين يحاولون الدخول الى الحقل  فإذا عدنا الى ثقافتنا العربية الغنائية نذكر على سبيل المثال المنافسة بين منيرة المهدية وأم كلثوم حيث أن منيرة كانت مكرسة في مجال الغناء ولديها الأقدمية وكانت تُعتبر سلطانة الطرب في عصرها بينما كانت أم كلثوم حديثة العهد ، ومن هنا بدأت الخلافات والمنافسة على أشدها بين المطربتين حتى استطاعت أم كلثوم هز عرش منيرة وإثبات نفسها فغدت المطربة الأولى في مصر والعالم العربي ، وقد وصفت رواية بين القصرين لنجيب محفوظ  تصاعد المنافسه بين المطربتين وخلاف الأجيال حول غنائهما فالأجيال القديمة تفضل منيرة أما جيل الشباب فيفضل الاستماع الى السيدة . 

وفي الحقل الأدبي  كان الصراع دائما على أشده بين القدامى والشباب ، وقد عانى المتنبي كثيراً من غيرة شعراء بلاط سيف الدولة ؛ فالمكرسون لا يحتملون أن يأتي أديب جديد لإسقاطهم عن عرشهم  وطرح تساؤلات حول أحقيتهم بالمجد والتكريم ؛ فالعقاد مثلاً كان ينتقد أحمد شوقي , وأحمد شوقي يراقب حافظ إبراهيم عن كثب ، وأما الأديب طه حسين فقد وجه انتقادات لاذعة لنجيب محفوظ ويوسف السباعي واعتبرهم غير مثقفين بما فيه الكفاية .  

وتجدر الاشارة هنا أن هذه الحقول مستقله أي أن لها كينونتها وقوانينها الخاصه ورأسمالها الخاص ولكن هناك حقل واحد يستطيع التدخل والتلاعب بها وهو حقل السلطة والنظام الحاكم ، وهذا الحقل يمتلك الكلمة الفصل على جميع الحقول التي يتألف منها الفضاء الاجتماعي ، بعبارة أخرى تملك الدولة سلطة تسمح لها بالتدخل بجميع الحقول رغماً عن فاعليها لأنها  تمتلك الرأسمال الإقتصادي والإداري والسياسي والأمني والعسكري ؛ فرؤوس الأموال هذه مجتمعه تتيح لمن في يده السلطة السياسية التدخل في الحقل الثقافي والفني وفرض توجهاته والثقافة التي يعتقد أنها تخدمه من الناحية الأيديولوجية ، وهكذا يستطيع الحاكم النفاذ الى هذه الحقول والتلاعب بها كيفما يشاء لذلك نرى ونسمع كل يوم عن جوائز وتكريمات ودعم لفنان ما ومثقف مريخي ليس بسبب موهبته وإبداعاته بل بسبب تمثيله لمصالح الحاكم والدعاية لها .

لكن في مرحلة ما المثقف الحقيقي يواجه السلطة ويتمرد على الوضع القائم لأن العمل في الحقل الثقافي والأدبي والفني لا يقتصر فقط على إنتاج أعمال فكرية أو فنية والتنظير الفلسفي  بل يجب أن يكون للمثقف دوراً يؤديه في المجتمع وهو ملامسة المتطلبات المعيشة والحقوقية للناس ؛ بهدف الإصلاح و توجيه أفراده نحو الأخلاق والقيم الحميدة  والأهداف التي تخدم الوطن والأمة التي ينتمي اليها ومن المهم جداً زرع الحس النقدي الذي يُمّكن المواطنين من عميق الفهم للأوضاع القائمة والتقييم الفعال لأداء السلطة ودفعها الى تحسين معيشتهم وتحقيق مطالبهم العادلة والأهم حشد طاقاتها للدفاع عن القضايا المصيرية حتى لو على حساب رفاهيتهم ومكاسبهم .

للأسف نجد الكثير من الفنانين والشعراء والممثلين ممن يشكلون النخبة في حقولهم ويُعتبرون من المؤثرين شعبياً يتخذون مواقف أقل ما يقال عنها أنها منافقة وممالئة للحكام ؛ وذلك طمعاً في رضى السلطة فينعمون بالأموال ورفاهية العيش والجوائز المرموقة ؛ فصاروا يتبنون أفكاراً وسياسات لم يُعرفوا بها مسبقاً أو تخالف إرثهم المحفوظ والذي ميزهم عن غيرهم ، وصارت مواقفهم مدفوعة لحد الرشاوي وكان الثمن  قضايا جوهرية لا يصح التنازل عنها والتفريط بها لأن المثقف الحقيقي أو العضوي كما يقول الفيلسوف الإيطالي غرامشي هو الذي يمثل طبقته الإجتماعية وينقل معاناة جماهيره ويدافع عن مصالحهم ، ويستشعر بهمومهم وقضاياهم المصيرية ؛ فالمثقف يجب أن لا يكتفي بمخاطبة الناس من برجه العاجي بل يجب عليه التواصل مع عموم الشعب ومشاركتهم في تحركاتهم النقابيه والسياسية وتوجيه خطواتهم لأنه يملك أدوات العلم والمعرفة النقدية وهو وريث السفسطائيين .

أدرك المنظرون وصناع الرأي العام مؤخراً أهمية الفنان ؛ فزيفوا الثقافة الأصلية التي يُفترض أن يؤديها بعد أن رسموا له صورة ذهنية  في العقول المتلقية فافتتنت به ، وأثمرت بذور تلك الثقافة مفاهيماً ومقاربات توافق أهواءهم وأهدافهم الخبيثة ؛ فنجحت هوليوود مثلاً  في تزوير التاريخ وتغيير الصور الذهنية لبعض الأمم والأديان حتى أنها نجحت في فرض هيمنتها الثقافية التي يمكن اختصارها بلا ثقافة أو ثقافة العنف والشهوة ، ودفعت الشعوب بعد أن شوهتها فكرياً على تداول الأعمال التي تمس حضارتها وصورتها وقيمها وتستهزئ بها أو تشيطنها.

وفي الوطن العربي منذ مطلع التسعينات ظهرت بعض الشركات ذات رؤوس أموال ضخمة احتكرت صناعة الفن وأعمال الفنانين وسيطرت على القنوات التلفزيونية والمنصات الاعلامية ؛ وجنى منها الفنانون ثروات ضخمة مما ألحق الخسارة ببعض الدول والمؤسسات الإعلامية والثقافية المحلية وليكن أقلها فقدانها للقوة الناعمة التي أنشأتها ونمّتها وخدمت توجهاتها وساندتها للتأثير على الرأي العام إلا أنها لم تعد قادرة على توفير المكاسب المادية التي يتقاضاها الفنانون من تلك الشركات فصارت تلك الشركات تفرض توجهاتها على الرأي والذوق العام وتبني ثقافته حتى لو كانت على حساب مصالح الدول التي ينتمي إليها الفنانون .

فتم مثلاً إنتاج أعمال فنية  تتلاعب بالتاريخ وتحوره لخدمة مصالح سياسية للطرف الذي يمسك بزمام تلك الشركات الضخمة ويمولها وهذا الأمر ما كان ليتم لولا غياب المسؤولية الأخلاقية للفنانين الذي يقبلون أن يشاركوا في هذا الفعل دون الإكتراث للضرر الجسيم الذي قد يلحق بمجتمعاتهم أو بأمتهم فلم نجد من فناني الصف الأول من ينتقد التطبيع ويبين موقفه منه رغم ما عرف عنهم سابقاً من لعب الأدوار التي تستنهض الوطنية والجمهور والمدافعة عن قضاياه والاصطفاف خلفها فعلى سبيل المثال من الممكن لأي ناشط من دولة الإحتلال أن يلتقط صورة تجمعه مع فنان من الصف الأول في هوليوود دون عناء أو ضجة إعلامية ، ولكن لماذا يتفاخر بها مع فنان عربي بغض النظر عن تقييمنا له ؟ . تكّمن الإجابة في أن هذا الفنان تشرف بكونه ينتمي لهذه الأمة وهذا سر احتفاء دولة الإحتلال به فلو كان فنانا برازيلياً أو روسياً لما تفاخر المحتلون به فمن الرابح ومن الخاسر ؟ .

فأنت يا من تحاول تضليل جماهيرك ومحبيك والتنصل من مسؤوليتك تجاه قضايا شعبك أو أمتك لولا تلك القضية التي تنازلت طوعاً عنها بثمن بخس لما حظيت بهذا الإهتمام الإعلامي وحين تفقد مصداقيتك لن تبقى لك قيمة في الذاكرة القصيرة للمحتل أو الذاكرة المشوهة لمن يغويك ولن تنفعك حينها الجماهيرية التي يعميك ألقها لأنك خسرت نفسك واحترام أمتك وسعيت وراء الكسب المادي دون الخوف على إرثك الأخلاقي حتى لو كان مصيره مزبلة التاريخ ، وزرعت بذور الفتنة والشقاق في المجتمع الذي نشأت فيه وربما سينشأ فيه أبناؤك .

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سي السيد و معركة ميلانو

سي السيد و معركة ميلانو مقالي في موقعي اخبار الاردن واحداث اليوم - الصورة منقولة  عذرا، فقبل البدء وكي لا أُتَّهم بالتحامل ،   أ نا لا أتكلم عن كل الرجال ولكن أقصد شريحة معينة إ سترعت إ هتمامي و إ ستفزت قيم الشرقي   فكان لا بد لي من ال إ شارة إليها من باب الحرص لا النقد. لاشك بأنَّ الثقافة المجتمعية والمعيشية تتغير مع متطلبات العصر، لكن لكل أُمَّة عادات ومبادئ يجب أ ن لا تُهدم بمعول الحداثة ولا تُداس بحذاء من يدًّعي محاربة التخلف.   أ ثناء معركة الفجر بين النور و أ خر بُقع الظلام في شارع (كورسو بينس آ يرس) في مدينة (ميلانو) ، ر أ يت إمرأة إ فرنجية في العقد الرابع من عمرها   تخوض معركة طاحنة غير معركة النور والظلام بل معركة لقمة العيش   كموظفه فها هي بدأت عملها بمعالجة   إ نسداد (منهل) للصرف الصحي ، ولا أ علم لماذا تذكرت وأنا أنظر بدهشة إ ليها   رائعة الكاتب المبدع   نجيب محفوظ   بين القصرين .   و أ عتقد جازما أن أغلب الرجال الذين شاهدوا أ و تصفحوا رواية نجيب محفوظ الشهيرة   ، أُعجبوا بشخصية سي السيد و أ...