التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لا سلام ولا حرب دون الأردن

نتيجة بحث الصور عن ‪Amman‬‏

لا سلام  ولا حرب دون الأردن

مقالي في موقعي اخبار الاردن واحداث اليوم - الصورة منقولة 


 مر الصراع العربي الصهيوني بالعديد من المحطات التي كان السلام فيها ممكنا أن يبنى على أسس متينة , بعد ما شهده هذا الصراع من حروب طاحنة شردت مئات الالاف و إستنزفت موارد دول المنطقة ومقدراتها وأثرت على بنيتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية , لكن من ثوابت السياسة تغير التحالفات و الإصطفافات ونظرا للبنية الأيدلوجية و الإستعلائية التي تقوم عليها  دولة الإحتلال إستمرت مراهنتها على عامل الوقت دون تثمين حجم التنازلات التي قدمها الطرف العربي لتحقيق السلام و لم تأخذ العبر من التاريخ بل إستمرت في التعنت و الإستقواء بمتغيرات لن تستمر كما تظن .
فلقد شهد التاريخ الحديث صراعات سببها الإحتلال و إنكار حق أصحاب الأرض الذي كفلته كل الشرائع والقوانين   والتي إستمرت لفترات أطول من عمر دولة الإحتلال فالجزائر إحتلت 132 عاما و إعتبرتها فرنسا جزء منها  ثم خرجت منها مدحورة , وفي نفس السياق  إحتلت بريطانيا عدن مدة  128 عاما ثم غادرتها تحمل أكفان جنودها ,  أما إن غصنا  أبعد  في التاريخ وصولا الى إحتلال الصليبيين  للقدس الذي دام  118 عاما و الذي إعتبر تحريرها  إنموذجا  لقيام الامة   و إنتزاع حقها في السيادة على مقدساتها لذا  فإن عمر دولة الإحتلال لن يكون إلا رقما في سطر  كتاب تاريخ منطقتنا .  
لما عقدت مصر إتفاقية كامب ديفيد سئل وقتها داهية السياسية الأمريكية و عرابها في الشرق الأوسط هنري كيسنجر عن فرص السلام الشامل فأجاب بدون تردد لا سلام دون سوريا ولا حرب دون مصر ولم يتردد الكاتب والمحلل المصري هيكل  في ترديد هذه العبارة في عديد حواراته , ولن يجد المتابع لهذا الصراع جهدا ليكتشف ان الأحداث التي تعصف بالمنطقة قد غيرت الثوابت تزامنا مع تغير الإصطفافات والمواقف والأولويات   .
تغيرت أولويات بعض دول العربية فلم يعد الصراع العربي الصهيوني صراعها الأول وجاء ذلك كنتيجة  للإضطرابات  الداخلية وعدم الإستقرار التي تعاني منه المنطقة  , ومن الناحية البراغماتية  لدي العديد من النخب السياسية التي قد تكون ممثلة في دوائر صنع القرار فيها فإن الصراع بنظرها هو صراع فلسطيني إسرائيلي وأن الأهم لديها إنهاء حالة عدم الإستقرار الداخلي وتحقيق مطالب  وتطلعات  شعوبها الإقتصادية والسياسية والأمنية التي لها اليد العليا في رسم سياستها الخارجية وعلاقاتها وتحالفاتها الدولية .
اما موقف الأردن فالمسألة مختلفة لعدة أسباب منها :
·         السبب الديني   الوصايا الهاشمية على المقدسات تحتم على الأردن حكومة وشعبا أن يكونوا حماة للإرث  العربي بشقيه الاسلامي والمسيحي لما يمثله  من رمزية وروحانية تسم هويته وإرثه الحضاري , مما يجعل القدس في ذمة عمان ووجدانها .
·         علاقة التوأمة بين الشعب الأردني والشعب الفلسطيني  والصلات العائلية ووحدة الدين والتاريخ والأهداف  التي تنظر للصراع على أنه صراع  وجود , لا يمكن ان يدوم السلام والإستقرار دون حله جذريا بشكل يحفظ الكرامة العربية ويعطي لأشقائهم الفلسطينيين حقهم , وأن تحترم  دولة الإحتلال سيادة الأردن وحقوقه وشعبه.         
·         تماسك الجبهة الداخلية الأردنية  الملتفة حول قيادتها  والتي تمتلك من الوعي ما يجعل العبث بأمن الوطن من الموبقات المهلكات , فكل أطياف السياسة الأردنية  لا تختلف على أن قوة الدولة بقوة مؤسساتها وأن نهج الإصلاح يجب ان يتم بالتوافق والتحاور والنصح  دون الإنزلاق لأجندات مشبوهة تثنيه عن صموده في وجه مشروع الإحتلال  وتهدد سلمه الداخلي المتين .
·         ثبات الموقف الرسمي الأردني من  رؤيته الشاملة للصراع العربي الصهيوني فلقد اتهم قديما أنه يهرول  للسلام وغاب عن أذهان مراهقي السياسة  أن وجود خمسة ملايين فلسطيني  تحت الإحتلال يتطلب منه قراءة المشهد جيدا  للحفاظ على صمودهم ومستقبل أجيالهم وتسهيل متطلبات حياتهم كون الأردن  منفذهم الوحيد نحو العالم  .
·         أما الآن يوصف موقف الاردن الرسمي  بالتشدد من قبل حكومة الإحتلال و داعميها  والحقيقة أن موقفه ثابتا لم يتغير لكن حكومة الإحتلال التي تبني سياساتها على الأحلام والخرافات ومبدأ جوزيف جوبلز إكذب إكذب حتى يصدقك الناس وتراهن على ما تشهده المنطقة من صراعات فهي  تنتظر من الأردن المزيد من التنازلات التي لن تحدث .
الحملة الصهيونية المسعورة على الأردن التي ظن البعض مخطئا  أنها من قبل  ما يسمى  باليمين الإسرائيلي فقط - إلا أنها من كل  أطيافه - هذه الحملة  تعتبر مؤشرا للإفلاس السياسي والعجز عن تحقيق حكومة نتنياهو أي إنجاز داخلي او خارجي بل إفتخر هرم السلطة في دولة الاحتلال محتفلا أمام الشاشات  بمكالمة فيديو مع شخصية عربية غير ممثلة سياسيا أو ثقافيا ولا حتى إجتماعيا معتبرا ما يقوم به نصرا مؤزرا لدولته ودليلا على قبولها في المجتمع العربي .
على مؤسسات الأعلام  والدراسات الإستراتجية في الكيان المحتل أن تقدم  النصح لرئيس حكومتها عله  ينال مشروعيته - مع إستحالة الأمر -  وعوضا عن مهاجمة قيادة وحكومة و شعب دولة مستقلة كالأردن تحترم من القاصي والداني .
  أما الحقيقة التي يجب أن يدركها من يفترض أنهم  رعاه  للسلام  وجنوده  لمحاربة الإرهاب أن السلام بدون الأردن وهم وضرب  من الخيال , فدون  مباركة  الاردن  ورضاه  لن يكون هناك سلاما وأن حفلة التطبيع المجانية لن تقود الى السلام  وعليهم الإعتراف أنه لا نصر للعرب في حروبهم  العسكرية أو السياسية دون جنود الأردن وأبنائه .
  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سي السيد و معركة ميلانو

سي السيد و معركة ميلانو مقالي في موقعي اخبار الاردن واحداث اليوم - الصورة منقولة  عذرا، فقبل البدء وكي لا أُتَّهم بالتحامل ،   أ نا لا أتكلم عن كل الرجال ولكن أقصد شريحة معينة إ سترعت إ هتمامي و إ ستفزت قيم الشرقي   فكان لا بد لي من ال إ شارة إليها من باب الحرص لا النقد. لاشك بأنَّ الثقافة المجتمعية والمعيشية تتغير مع متطلبات العصر، لكن لكل أُمَّة عادات ومبادئ يجب أ ن لا تُهدم بمعول الحداثة ولا تُداس بحذاء من يدًّعي محاربة التخلف.   أ ثناء معركة الفجر بين النور و أ خر بُقع الظلام في شارع (كورسو بينس آ يرس) في مدينة (ميلانو) ، ر أ يت إمرأة إ فرنجية في العقد الرابع من عمرها   تخوض معركة طاحنة غير معركة النور والظلام بل معركة لقمة العيش   كموظفه فها هي بدأت عملها بمعالجة   إ نسداد (منهل) للصرف الصحي ، ولا أ علم لماذا تذكرت وأنا أنظر بدهشة إ ليها   رائعة الكاتب المبدع   نجيب محفوظ   بين القصرين .   و أ عتقد جازما أن أغلب الرجال الذين شاهدوا أ و تصفحوا رواية نجيب محفوظ الشهيرة   ، أُعجبوا بشخصية سي السيد و أ...

صناعة الرأي العام

صناعة الرأي العام مقالي في موقعي اخبار الاردن واحداث اليوم - الصورة منقولة  لا يكاد يخلو مقال أ و إحصائية من كلمة الرأي العام فقد صارت مصطلحاً   يُستخدم لإثبات صواب قول ما   وسلاحاً   يهدد به   بعض الساسة أو المؤسسات ويستعينون   به   لشرعنة قانون أو توجه جديد وحتى لأجل   إجراء تصحيح يجدون   فيه علاجاً لبعض المستجدات التي طرأت على المجتمعات والدول . الرأي العام له مرجعياته وأسسه التي تتخذ منها الجماعات والشعوب ميزاناً لقبول أو رفض ما يطرأ وقد تكون هذه المرجعيات شرائع سماوية أ و دساتير , وأحيانا تكون ثقتها بالفرد كالسياسي أ و رجل الدين أ و أصحاب ال إ ختصاص كالأطباء والمهندسين والعلماء   فيكون رأي هؤلاء   الفيصل في صناعة الرأي العام .   الفرد فطريا يُكّون رأيه الخاص ؛ لكن رأيه يخضع   للتغيير والتعديل عند تواصله   مع الجماعات   فُيطرح   رأيه   للمقارنة   مع حجج وبراهين وإعتبارات يُؤمن بها الآخرون , وبعد هذا التواصل إما أن يزداد تمسكه برأيه فتتعزز ثقته بالتوافق الجمعي أ و يتخذ موقفاً ج...