تقييم الصناعة المحلية
مقالي في موقعي اخبار الاردن واحداث اليوم - الصورة منقولة
الدولة مهما إمتلكت من موارد لا يمكن أن يُوصف إقتصادها بالمتانة و الإستقلالية دون مساهمة الصناعة الوطنية بقدر مقبول
من صادراتها , فالصناعة هي الحل السحري لمشكلة البطالة والركود ومهما حاولت
الحكومات إيجاد حلول لمشاكل
البطالة والمديونية والاقتراض , فإنها لن تقترب من النسب المطلوبة دون تعافي
الصناعة وحل مشاكلها والتي هي بمجملها مشاكل تنظيمية تشريعية أكثر منها تمويلية كونها لا تتطلب دعم مالي حكومي مباشر, بل معادلة تُوازن
بين مردود الصناعة الكلي بما فيه المردود الغير مباشر والضرائب المترتبة عليه وإعادة
النظر بمنظومة مدخلات الإنتاج الجمركية والضريبية .
على المؤسسات
الإقتصادية الحكومية وغرف الصناعة عمل دراسة توثيقية مُعمّقة تفصيلية وشاملة للمنشآت
الصناعية القائمة , وما تستهلكه من موارد محلية كالمعادن والمحاصيل الزراعية وماهية خيارات
الطاقة المتاحة وكمية الموارد الطبيعية
والعبء البيئي المترتب على كل صناعة
والقيمة المضافة كنسبة من موادها الخام لينتج عنها تقييم مُنصف و دقيق .
هذا التقييم يحدد مدى ملائمة المنشات القائمة حالياً للمتغيرات
التي شهدها السوق المحلي والأسواق المستهدفة , ويسترشد به صاحب القرار لتحديد المعاملة الضريبية وأسعار الطاقة والمياه
التي تناسب كل قطاع صناعي ؛ كما ويمّكن المؤسسات سواء كانت مالية أو تعليمية أو
نقل أو إتصالات او صحة الإستجابة
لمتطلبات الصناعة بحيث تتوفر شبكة
لوجستية تخدم الصناعة وتسهل نشاطها .
يجب
تشجيع وتسهيل التوسع في القطاع الصناعي الذي يُناسب موارد البلد وإمكانياتها والحد
من الصناعة العشوائية التي لا تقدم للإقتصاد أي فائدة بل تستنزف العملة الصعبة وموارد الدولة وتضيف عبئا بيئياً و خدماتياً عليها وتُراكم ثروات أقلية على حساب
النظرة الإقتصادية الوطنية الشاملة .
الصناعة المحلية تعاني من إرتفاع فاتورة الطاقة والكلف التأمينية ونسب الفائدة على القروض وحذر النظام البنكي الغير
مبرر أحيانا لتقديم التسهيلات , ناهيك عن تضخم كلف النقل سواء للمواد الخام أو المنتج النهائي , والأهم من ذلك إنحصار
نصيبها في الأسواق الخارجية لأسباب سياسية و المنافسة من صناعات بعض الدول
التي لها نصيب من دعم حكومي مباشر او غير مباشر
وليكن أقلها النظام الضريبي المرن وقلة كلف الطاقة والنقل كما
يحظى المُصّنع فيها بقروض طويلة الأجل ضمن
ضمانات حكومية , هذا و تلعب جودة المنتجات سببا لعدم قبول بعض الصناعات الأردنية في الأسواق وبالأخص الصناعات التى لا زالت تستخدم
خطوط إنتاج قديمة او خطوط إنتاج رخيصة وغير موثوقة .
تطور
الصناعة لابد أن يمر بمراحل لا يمكن حرقها , فقد لعبت سياسات العولمة دورا سلبياً قاتلاً في تراجع الإستثمار في الصناعة لصالح الإستثمار
في إستيراد المنتج الجاهز , وهذا جعل الصناعة القربان الأردني لآلهة التجارة الحرة والعولمة .وما زاد
الأمر سوءاً تدفق سلع رخيصة ذات جودة أقل من متدنية الى السوق عشقها المستهلك لما يعانيه من وضع إقتصادي في ظل غياب ثقافة شرائية موجهة و رقابة
مواصفاتية فعّالة تُلزم المُصنع الخارجي
او التاجر المستورد ضمان منتجه وهنا لابد من تفّعيل مشروع علامة الجودة على كل
المنتجات المطروحة في السوق تحت إجراءات صارمة , وعدم ترك السوق بلا تنظيم والتغاضي
عن الاستنزاف المادي والغبن .
من غير المعقول أن الترامبية سيدة التجارة الحرة تراجعت عنها
وفرضت ضرائب على ما يدخل أسواقها من الصين حماية لقطاعها الصناعي و
نُبقيها نحن كما هي فالصناعة تاريخ ومراحل وللأسف توقف نمو الصناعة الأردنية عند مرحلة الطفولة لذا تحتاج لمن يُلبي
متطلبات نضوجها لتعود رافدا أساسياً في موارد الدولة وتقلل نسب البطالة
وكي ننهض بالصناعة لابد من الإجراءات التالية :
·
التوسع
ودعم الصناعة التي لا تحتاج لقدر كبير من الطاقة أو المياه مثل صناعة الأدوية والإلكترونيات والعمل على حمايتها.
· التوسع في تنظيم المعارض
والمؤتمرات للقطاعات الصناعية المختلفة
لترسيخ مكان الأردن على خريطة المراكز الصناعية والاستفادة
تسويقياً و تقنياً وسياحياً.
·
العودة للجمعيات الزراعية وبإشراف حكومي مباشر
لتعزيز الصناعة الزراعية مما يدعم المزارعين ويعفي الخزينة من نزف العملات الصعبة
لإستيراد رب البندرة او الخضروات المعلبة تزامناً مع تعثر المزارعين وتفشي
البطالة في مناطقهم .
·
إعادة إحياء صناعة الزجاج و السيلكا والنحاس الى أخر القائمة من الكيماويات المعدنية الغير
مستغلة وتقديم عروض جذب لشركات دولية لها تاريخ في هذه الصناعة .
·
تحسين التعليم المهني بالتعاون مع الصناعات الناجحة
كي لا يضطر المصنعون لتدريب الموظفين الجدد.
·
التوجه لصناعات الذكاء الصناعي حتى لو بمراكز
محدودة حكومية بحثية تعليمية غير ربحية.
·
تنظيم صناعة إعادة التدوير والتوسع فيها ومحاربة عشوائيتها
.
·
ضرورة عمل مناطق حرة حدودية بالشراكة مع دول
الجوار وخاصة لصناعة تكرير البترول و البتروكيماويات .
تعليقات
إرسال تعليق