إيران وصراع الصلاحيات
مقالي المنشور في موقع اخبار الاردن الصورة منقولة
منذ سقوط نظام الشاه محمد بهلوي عام 1980 و إنتزاع التيار الديني المتشدد جناح الخميني السلطة أدركت
القيادة الوليدة أن السيطرة على مؤسسات الدولة القديمة بتعقيداتها لن يكون سهلًا , وهدم الإدارات برمتها
ليس بالخيار الأمثل فهي لا تمتلك الكوادر المؤهلة
لإدارة دولة بحجم إيران بجغرافيتها وتنوع نسيج شعبها , فلجأ نظامها الوليد لإيجاد مؤسسة ذات طابع أمني مهمتها المراقبة
الأمنية الصارمة على مؤسسات الدولة داخل إيران أو خارجها و الإستبدال التدريجي للإدارات القديمة بكوادر موالية أيديولوجيا لمنهجه ومشروعه الساعي لتصدير الثورة والسيطرة على محيطه كي تصبح جمهوريته
الإسلامية دولة عظمى يُختصر الإسلام بها ولها , ومن الواضح أن مشروعها الديني إمتزج بأسوأ ما إمتلكه نظام الشاه وهو
التعصب القومي تجاه المكونات المختلفة في الداخل والشعوبية تجاه العرب .
لقد أصبحت إيران دولة بمؤسستين
يديرهما المرشد وهما :
·
الدولة التي تتشكل من الرئيس والوزراء ومجلس الشورى الذين يديرون
الدولة والشؤون الحياتية للشعب و وزارة الخارجية التي تمثل إيران بروتوكولياً في المحافل الدولية.
·
مؤسسة الحرس الثوري وهي تخضع للمرشد مباشرة مهمتها مراقبة أداء مؤسسات
الدولة بما فيها مؤسسة الرئاسة و وزارة الخارجية حتى أن لها تواجد في السفارات ومُناط بها أمنها. هذا و يسيطر الحرس الثوري على المؤسسات الإعلامية إن كانت موجهة للداخل أم للخارج وليتمكن من الإضطلاع بهذا الدور فقد مُنح ميزانية ضخمة أعيت الاقتصاد الإيراني , كما أصبح للحرس الثوري جيشاً بكل
أسلحته برية و جوية و بحرية مستقلاً
عن جيش الدولة ويمتلك منظومة أمنية وإستخباراتية جبارة تنشط في الداخل و الخارج على حد سواء .
ومن الملاحظ أن الحرس الثوري هو
الجهة المكلفة بملف الدول العربية وليس وزارة الخارجية وخصوصاً في الدول التي لها
علاقات إستثنائية بإيران مثل العراق ولبنان وسوريا واليمن , هذه الدول يتم التنسيق
بينها وبين الحرس الثوري عن طريق كيانات تشبه الى حد ما مؤسسة الحرس الثوري في إيران
مثل أنصار الله في اليمن وحزب الله في لبنان وبعض الفصائل المسلحة في
العراق وكذلك الكيانات المسلحة الموالية لإيران في سوريا , ويعمل على ربط هذه
الكيانات بمشروعه وقد نجح في بعض الدول العربية التي وصل نفوذه اليها .
ومن غير المستغرب أن أجندته تختلف كلياً عن ما يُروجه للرأي العام العربي من وصف مشروعه
بالمقاوم , كذلك هناك خلاف بينه وبين مؤسسة الرئاسة في إيران و وزارة الخارجية ولن يحتاج الأمر لوقت طويل حتى يحدث التصادم بينه ويين الساعيين لهيبة الدولة ووحدة
القرار , وحتى لو نجحت الحكومة الإيرانية
سابقا في قمع الإحتجاجات
الداخلية وإحتوائها مرحلياً فسوف تعود للإشتعال مجددا بأشكال
مختلفة ؛ الدولة يُنتخب فيها الرئيس حتى لو بديمقراطية غير مكتملة الشروط إلا
أن شرعيته من الشعب , أما من يتخذون القرار
في الحرس الثوري فهم أشخاص تبوؤوا مناصبهم
بالتعيين ضمن معايير أيديولوجية صارمة
تعتبر وولاية الفقيه ونشرها رسالة سماوية ملزمة وأولوية أي أنها لا تمثل كامل النسيج الإيراني .
إغتيال سليماني وإسقاط
الطائرة الاوكرانية قد يقود الى مراجعة يفوز
فيها تيار الدولة وخصوصاً أن قرارات سليماني التي أججت الصراعات في الشرق الأوسط لم
تكن تُعارض نظرًا لنفوذه وقربه من المرشد
الإيراني أما بعد مقتله وكارثة إسقاط الطائرة فمن الممكن أن يتراجع
دور الحرس الثوري في بعض الملفات ويُفوض
المرشد الساسة المباشرة بالمفاوضات في عديد
بؤر التوتر التي أشعلها وقبول تسويات مؤقتة
حتى تهدأ العاصفة وتشمل :
·
اليمن : قد يقدم تنازلات كبيرة في ملف اليمن لتخفيف حدة التوتر مع دول الخليج وتقليل العبء المادي
المترتب عليه في دعم أنصار الله .
·
سوريا : الملف السوري معقد جداً وإيران سوف تفاوض على مكاسب إقتصادية بإتفاقيات مع الدولة
السورية وتقليل نشاطها العسكري للحد الأدنى وترك
القرار للروس .
·
لبنان : من غير الممكن التخلي عن لبنان كون صنيعتها في لبنان أصبح من القوة بمكان تمّكنه من الإمساك بمفاصل الدولة اللبناية و الإستفادة منه ولو كمنصة إعلامية كما أن جغرافية أنصاره في لبنان تعطيه
ورقة ضغط فعّالة لتأثيره على أمن الكيان الصهيوني الذي يُمثل قمة هرم الأولويات بالنسبة للولايات المتحدة مما يكسب إيران بعض التنازلات الأمريكية
على حساب الأمن القومي العربي مقابل أمن
الحدود الشمالية لدولة الإحتلال .
·
العراق : العراق بالنسبة
للنظام الإيراني الكنز الذي لا يمكن أن يتخلى عنه ولو قتل كل الشعب العراقي ؛ فهو سوق واسعة لمنتجات إيران التي ترفد إقتصاده بالمليارات , وليكن
أقلها السياحة الدينية كمصدر ثروة لرجال الدين الإيرانيين .
مما سبق على العرب التحرك وإيجاد
مبادرة سياسية جامعه للشعب العراقي لإخراج شعبه من مشاريع لا تمثل حضارته
وتاريخه , وعلى العراقيين مجتمعين إختيار العراق
والمحافظة على مقدراته دون الإنجرار خلف مشاريع تجعلهم تحت تبعية شرقية او غربية و أن يقتنعوا أنهم قلب أمة الضاد فقط .
تعليقات
إرسال تعليق